وقع حصان في بئر عميق ليس بها ماء، فأصابه ألم شديد، وبكى بكاء مراً، وحزن حزناً شديد، واستمر على هذه الحال ساعات طوال، لكن رغبته في النجاة كانت قوية، وإرادته فولاذية.
فكر صاحبُ الحصان في المشكلة، وكيف يستعيد حصانه، ولكن سرعان ما أقنع نفسه بأن الحصان تقدّمت به السن، وصار ضعيفاً، وأن تكلفة إنقاذه تقترب من تكلفة حصان قويّ آخر، كما رأى صاحب الحصان ضررة ردم البئر كي لا تسبب كوارث أخرى، ليحل مشكلتين بتكلفة واحدة، وفي آن واحد، فقرر ردم البئر، وبذلك يكون قد تخلّص من البئر الجافة التي تسببت في الكارثة، ويكون بذلك أيضاً قد دفن الحصان، ومن ثم يحل المشكلتين في آن واحد، وبتكلفة واحدة!!
جمع صاحبُ الحصان الناس بمعاولهم وأدوات الردم، وبدؤوا يردمون البئر بالأتربة والنفايات، فارتفع صوت الحصان يوحي بطلب النجدة، لكنه سرعان ما خفت، ثم انقطع!!
دُهش الجميع، وحاولوا استطلاع ما يجري للحصان، فنظروا إلى داخل البئر، فإذا بالحصان كلما وقعت الأتربة والنفايات هزَّ ظهره، فألقاها على الأرض تحت قدميه وارتفع فوقها، رغبة في الحياة، وأملاً في النجاة.
هكذا استمر الحال.. الناس يلقون بالأتربة والنفايات في البئر، والحصان يهز ظهره ليلقي بها على الأرض تحت قدميه، لتكون بمثابة طوق نجاة له، فيرتقي بها درجة إلى أعلى، ويخطو بها خطوة، وإن كانت صغيرة نحو النجاة.. وفوجئ الجميع باقتراب الحصان من سطح الأرض.. وعندها قفز قفزة – برغم آلامه – وصار على سطح الأرض بسلام وأمان!!
- هل تعلمنا من هذا الحصان؟
كل إنسان تواجهه عقبات في حياته ومشكلات، تلقي بأوجاعها وأثقالها وآلامها على كاهله، فمنّا من يستسلم لأبسط المشكلات، ويعلن ضعفه وفشله واستسلامه، ومنا من يفعل مثلما فعل هذا الحصان، كلما واجهته مشكلة وصارت حجر عثرة في طريق نجاحه في الحياة، ألقاها عن كاهله، وسعى إلى حلها، وعزم وأصرّ على أن يتغلب عليها، فألقاها من على ظهره تحت قدميه، فيكون بذلك قد حولها من حجر عثرة وعقبة إلى حجر يرتقي عليه ويصعد، فيحول الحجر من عقبة كؤود مهلكة إلى طوق نجاة!!